دعائم الدولة عند صلاح الدين
من الخطأ الجسيم أن
نجرد صلاح الدين من مضامينه التى استوحاها من ظروفه ومراحل حياته التى مر بها كما
أنه من قيل المجازفة الخطيرة اذا ما جردناه بنفس القدر من فلسفة خاصة تنطوى على
جانب كبير من التفاعل بتلك الظروف والمراحل لما كان له من قدرات مكنته من الوصول
الى تلك المكانة الفريدة
لعل من اهم ما يكشف
اجتهاد صلاح الدين فى صنع دعائم تستند الى فكر منظم حرصه على جذب المصريين ودعوتهم
الى الانضمام اليه دعاه الى ذلك ما استخلصه من توجهات عمه شيركوه فى هذا السبيل
فكان يدرك الى أى حد كان يوجس خيفة من الهزيمة فى البابين لا حساسه بأن الكل من
حوله من (جند وعامى وفلاح عدو له )وكيف أنه تسلم الاسكندرية بعد هذه المعركة بقليل
بمساعدة من
اهلها الذين أطاعوه ولم
يغفل سياسة أبيه تجاه المصريين فيما رواه أبو شامة من أنه كان (مزدحم الوفود متلف
الموجود يبذل الجود )مما جعله قريبا من الناس ،وكان يدرك سياسة شيركوه تجاه
المصريين فى صعيد مصر مما مكنه من جباية الاموال ولم يكن اهتمام ابيه بنصارى مصر
ببعيد عنه فقد كان يستخدم احداهم فى الكتابة ويستعين به فى مسائل التأويل ولم
تعد أخطاء شاور التى كانت سببا فى كراهبة المصريين
له الا فى محل اعتباره وتدبره الامر الذى انتهى اليه قيام بعض المصريين بالتوقيع
على ضرورة قتله فلجأ صلاح الدين بنفسه الى اعداد العدة للخلاص منه بعد ان اشار
عليه العاضد بذلك .
وكان ان ظهر أثر ما
أقدم عليه عمه وأبوه تجاه المصريين فيما اتخذه بعد تولية الوزارة من سياسات فى
الداخل حيث استمال قلوب الناس وبذل الاموال مما كان اسد الدين قد جمعه فمال الناس
اليه وأحبوه
وامتد اهتمام صلاح
الدين بأهل مصر الى ما وراء ذلك حتى اسقط سنة 567هـ المكوس الفاطمية ليزيح عنهم
عناءا ثقيلا ضاقوا به ذراعا فترة من الوقت .
على ان صلاح الدين
بوصفه سنيا شافعيا كان يدرك اهمية الانتماء الى الخلافة العباسية التى كانت رمز
للامة الاسلامية وأساسها وحدة العقيدة الدينية التى تربط المسلمين كافة ،كما ان
نجاحه فى انقاذ مصر من الخطر الصليبى بدافع الجهاد يعد من الوجهة القانونية الامر
الذى من شانه ان جعل مصر تدخل فى الجهاد
تبعية الدولة الاسلامية (الخلافة العباسية )
اذن فربط اقليم مصر
وسكانه بعلم الخلافة يمثل بالنسبة لصلاح الدين أمرا محوريا ولم يكن من ان يسعى
للخلاص من رموز الشيعة فى مصر .
ووجد صلاح الدين فى
الاكثار من بناء المدارس وسيلة لنشر المذهب السنى فى مصر الذى من اجله دعا لربط
هذه المنشأت بالدولة وسياستها العامة ،الامر الذى كان مستوحى من فكر المرسة
النظامية التى اسسها نظام الملك .
وسرعان ما اسقط صلاح
الدين الخلافة الفاطمية بحذف اسم الخليفة العاضد من الخطبة واستبداله بذكر اسم
الخليفة المستضئ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق